الآية الأولى:{وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً (29)}.{وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ}: هذا النهي يتناول كل مكلف، وقد وجه الخطاب للنبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم تعريفا للأمة وتعليما لهم، وإن كان الخطاب لكل فمن يصلح له من المكلفين.والمراد النهي للإنسان أن يمسك إمساكا يصير به مضيقا على نفسه وعلى أهله، ولا يوسع في الإنفاق توسيعا لا حاجة إليه بحيث يكون به مسرفا، فهو نهي عن جانبي الإفراط والتفريط، ويحصل من ذلك مشروعية التوسط وهو العدل الذي ندب اللّه إليه.ولا تك فيها مفرطا أو مفرّطا *** كلا طرفي قصد الأمور ذميموقد مثّل اللّه سبحانه في هذه الآية حال الشحيح بحال من كانت يده مغلولة إلى عنقه بحيث لا يستطيع التصرف بها ومثّل حال من يجاوز الحد في التصرف بحال من يبسط يده بسطا لا يتعلق بسببه فيها شيء مما تقبض الأيدي عليه، وفي هذا التصوير مبالغة بليغة.ثم بين سبحانه غاية الطرفين المنهي عنهما فقال: {فَتَقْعُدَ مَلُوماً}: عند الناس بسبب ما أنت عليه من الشح.{مَحْسُوراً (29)}: بسبب ما فعلته من الإسراف، أي منقطعا عن المقاصد بسبب الفقر.والمحسور في الأصل: المنقطع عن السير.وقيل: معناه نادما على ما سلف.